ملخص البحث
تعد الحمراء من أشهر المناطق الداخلية في عمان، لموقعها الجغرافي المتميز، وما حباها الله به من الخيرات، حيث الأودية الكثيرة والواحات الزراعية والمناخ المتنوع في السهل والجبل والمتتبع لآثار الحمراء يدرك تماما قيمتها التاريخية الموغلة في القدم لوجود آثار بعض الممالك والحضارات القديمة.
والحديث عن الحمراء لا يعني الحديث من بداية شق فلجها والذي خرج بجهود الأهالي بمعاونة السلطة الحاكمة آنذاك وهو الأمام سلطان بن سيف اليعربي سنة ( 1066هجري) ، وإنما يشمل الحديث عن المناطق المجاورة لها والسابقة عليها في التأسيس والعمران ، بل ثبت لدينا من خلال أوراق الكتابات العرفية في البيع والشراء أن الزراعة في الحمراء كانت موجودة قبل شق الفلج وذلك يتمثل في الآبار العديدة التي كانت تروى بها المزروعات المجاورة بنظام الزجر القديم وهو استخدام الحيوانات في استخراج المياه من البئر ولكن نطاق هذه الزراعة محدود جدا .
والتسمية القديمة المشهورة للمنطقة هي ” حوزة كدم “وتشمل أجزاء من الحمراء وبهلا وإلى هذه النسبة يشتهر اسم العلامة أبي سعيد محمد بن سعيد الناعبي الكدمي من علماء القرن الرابع الهجري.
ومن خلال الأحداث والمراحل التاريخية التي مرت بها عمان يتبين ما للحمراء من دور تاريخي في صناعة أحداث عمان ويبرز جليا جهود السابقين في تذليل الصعاب وإيجاد بيئة حضارية للإنسان بهويته الإسلامية.
وهذه الورقة البحثية المتواضعة تحاول تسليط الضوء على كتابات الأدباء والشعراء والرحالة عن ولاية الحمراء وما لمسوه فيها من المميزات والآثار المحركة للعواطف الجياشة والمستثيرة للأقلام المتحفزة، وذلك من خلال تتبع المصادر التاريخية والكتابات الأدبية بما يبين للقارئ قيمة هذا الجزء من الوطن الغالي عمان على أني لم استقص كل ما قيل وإنما ذكرت نماذج من جهود الذين سطروا هذا التاريخ الحيوي بجماله الطبيعي وسموه المعرفي وإسهامه الحضاري.
الشعراء والأدباء والرحالة الذين ذكروا الحمراء في قصائدهم:
الشاعر الشيخ علي بن ناصر بن محمد النبهاني التنوفي توفي 1264هـ، شاعر وفلكي ولد في بلدة تنوف وانتقل إلى الحمراء ونادم بها الشيخ ذا الغبراء خميس بن راشد العبري رحمه الله له قصائد كثيرة في ذكر الحمراء وشخصيات متعددة فيها وقد تعرض في قصائده لوصف الحمراء وجمالها وتناغم بيئتها بين السهل والجبل والشجر والحجر ببديع من التعابير ورصانة من الألفاظ.
وحيث إن بحثنا عن الحمراء وليس عن شخصيات من الحمراء فنذكر هنا ما وصف فيه بلدة الحمراء وبعض توابعها من المناطق دون التعرض للشخصيات كذلك لم نعرض في البحث للمعاصرين من الأدباء والشعراء والرحالة لأن الغرض إظهار مكنونات التراث في هذه العجالة المقننة كما ووقتا والأدب المعاصرة يحتاج إلى وقفات طويلة لاستخلاص ما فيه مما يليق بولاية الحمراء وجماله وتاريخا المشرف وإنجازاتها الحضارية.
الشيخ ماجد بن خميس العبري: هو أبو عبد الله ماجد بن خميس بن راشد العبري ولد عام (1252 هـ) وتوفي عام (1346 هـ) وهو من العلماء الشعراء الكبار الذين لهم باع واسع في اللغة والأدب.
الشيخ الشاعر عبد الله بن ماجد بن خميس العبري: ولد في بلدة الحمراء عام 1290 هجري وتوفي سنة 1335 الهجري.
الشيخ العلامة إبراهيم بن سعيد العبري: ولد في بلدة الحمراء عام 1314ه وتوفي في مسقط سنة 1395هـ
الشيخ سليمان باشا الباروني : ولد في جادو من جبل نفوسه في ليبيا عام 1287 هـ وتوفي في 1359 هجري
نماذج من الأشعار:
• من شعر التنوفي في وصف مسجد الحديث
في وصف مسجد الحديث وهو مسجد يقع في الحارة القديمة لولاية الحمراء على مجرى الفلج بناه الشيخ سالم بن مسعود بن راشد العبري وأوقف له أوقافا. يقول الشيخ علي التنوفي في مطلعها:
إنما مسجد الحديث مقام ليس يحذوه في البلاد مقام
• وقال في مطلع قصيدة في وصف الحمراء
فيها قصور بها الأنهار جارية وروضها استبهجت بالنخل إبهاجا
• كما قال في مطلع قصيدة في وصف مسفاة العبريين:
سقا الله أرضا لا يغيرها المحل وثمر رباها لم يزل طيّبا يحلو
• ومن قصائد الشيخ ماجد بن خميس العبري وصف السدرة التي كان يجلس تحتها مع جماعته يقول في مطلعها:
حادثات الخطوب رفقاً بحالي وبأعواد سدرة في الرمال
• ومن أشعار الشيخ الشاعر عبد الله بن ماجد بن خميس العبري في ذكره وادي الخور، يقول في مطلعها:
إن شئت نيل منى ونيل سرور عرج إلى بطحاء وادي الخور
• من أشعار الشيخ العلامة إبراهيم بن سعيد العبري قصيدة في التهنئة بخروج الماء من الساعد الجديد لفلج القلعة يقول في مطلعها:
فتح الرحمن باب الفرج كاشفا من فضله للحرج
• وقال في مطلع قصيدة في ذكر وادي الملح :
إذا ما شئت تفريج الفؤاد فوادي الملح أملح كل وادي
• الشيخ سليمان الباروني في زيارته إلى الحمراء وصعوده إلى قمة جبل شمس ببرنامج أعده له مع ما تشمله الرحلة من متطلبات وهناك في الجبل قال الابيات الاتية:
قف هنا وانظرن نزوى وقلعتها ومسقط قابلا جعلان والجارا
وانظر صحار وحي البحر ملتفتا إلى البريمي تجد حصنها نارا
واقبل يوجهك للعينين متجها نحو الحجار وحي القرب والدارا
هنا سليمان أحيا الليل مبتهلا وها هنا أوقد الباروني النارا
يتلو الكتاب يناجي الله منفردا والليل داج وكان الدمع مدرارا